ماذا بقي من منجزات الرئيس صالح ؟!

بقلم : أبو أريج الشـرفي

يسهب الإعلام في الحديث عن منجزات صالح ويطنب كتاب السلطة في نسبة المعجزات إليه وتصبح كل مناسبة بازار ترويج للرئيس يختزل معها الحدث وصناعه ونتائجه في صالح ولا أحد غير صالح..!

من حق صالح أن يمن علينا بمنجزاته طالما أبقته على رؤوسنا حاكما ومن حق مريديه التصفيق لهذه المنجزات طالما جعلت منهم باشوات ومليونيرات لكن من حقنا نحن كمواطنين أن نرى هذه المنجزات لا أن نسمع عنها فحسب وأن نشعر بها لا أن يشعر بها شلة المنتفعين فحسب وأن نقيس أثرها على معيشتنا وأمننا وكرامتنا وأن نحاكم هذه المنجزات ونحاكم أصحابها إليها وهي إن كانت بالنسبة إليهم صفحات في تاريخهم فهي كل تاريخنا وهي كل آمالنا وآلامنا وهي حقنا في حياة حرة كريمة ليس لأحد أن يمن بها علينا مادامت ضمن مسؤولياته وجزء من واجباته ..

 

هذه المنجزات سأعرضها على واقعنا ضمن خمسة عناوين رئيسية هي أكثر ما يتحفنا به إعلامنا الرسمي بمناسبة وبغير مناسبة وضمن هذه العناوين سنعرف إن كانت هذه المنجزات تستحق الإحتفاء وهل مازالت منجزات فعلاً بعد أن أساءت إليها ممارسات عبثية وأفرغت بعضها من مضمونه وحولت البعض الآخر إلى قناع يتجمل به الحاكم وقت الحاجة ولا أكثر من ذلك..

 

الوحدة..

تظل الوحدة مكسباً تاريخياً ومنجزاً وطنياً بلا شك ويظل واجب الحفاظ عليها مسؤوليتنا جميعا وهي ملكنا وليست ملكاً لأحدٍ بعينه وتجييرها لشخص ، إساءة للوحدة كقيمة وإساءة لها كمنجز وكما سقط نائب الرئيس من مراسيم رفع علم الوحدة والتوقيع عليها سقط الكثير من معانيها على يد الحاكم وتحت حوافر خيوله إقصاءً وتهميشاً واستفراداً..

عقلية الإنتقام التي سيطرت على الحاكم بعد حرب 94 دفعت بالآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية إلى الشارع ودفعت بالكثير من أراضي هذه المحافظات إلى جيوب المتنفذين وأملاكهم ليس هذا فحسب بل غدا أبناء هذه المحافظات مواطنون من الدرجة الثانية كما أن عقلية الغرور التي سيطرت على الحاكم بعد إنتخابات 97 أقصت الكثير من وظائفهم وجعلت من الانتماء السياسي سبباً للتمييز محتكرة الحق في الوظائف العليا على أعضاء الحاكم وجعلت أعضاء أحزاب المعارضة أو بعضها عرضة للإبعاد القسري ولا عزاء لقيم المواطنة ! الممارسات العبثية لم تتوقف عند هذا الحد بل تعرضت الوحدة الوطنية لإختلالات عميقة بالضرب على وتر المذهبية والطائفية في حرب صعدة وقبلها وبعدها لم يتوقف الحاكم عن ضرب مكونات المجتمع ببعضها مستفيداً من خبرته الكبيرة في صناعة الأزمات ومتكئاً على تدني الوعي الذي يكفي لتزييفه عشر نشرات إخبارية على الطريقة اليمنية..

 

الديمقراطية والتعددية السياسية..

التحالف الوطني الديمقراطي الذي نشأ مؤخراً بين المؤتمر واثنا عشر حزباً وفي رواية أربعة عشر حزباً أصدق تعبير عن الفوضى التي تبناها الحاكم في التعامل مع منجزاته وهو أهونها ولا شك وكلنا يعرف هذه الأحزاب وحجمها وكيف نشأت.. الحاكم الذي يصر على تصوير التعددية كمنجز لم يقدم دليلاً عن رضاه بهذا التعدد وكل يوم تتكشف نواياه عن محاولة تفريخ أو تنجح عبثيته بصناعة واحد وتتوالد الأحزاب لدينا من رحم بعضها ومن خزينة الدولة والمواليد الجدد (لبراءتهم) يختارون التصفيق للحاكم أبداً والمعارضة لديهم تعني معارضة المعارضة.. ومن يختار الوقوف في وجه الحاكم يغدو متهماً حتى في وطنيته ويصبح عرضة للمكرمات الرئاسية ولكن على طريقة ( اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم..)

 

الديمقراطية المفترى عليها أصبح معناها حق الشعب في إنتخاب الخيل مدى الحياة ولذا صارت كل إنتخابات مسرحاً للعبث تنتهك فيه كل القيم ويحتال فيه على الشعب وتزيف إرادته بالأموال والتزوير والترهيب والمصادرة وتصبح الدولة بكل أجهزتها تحت تصرف الحاكم صاحب المنجز العظيم وولي نعمة التعددية السياسية..

 

الجيش..

يظهر الجيش وقدراته وتجهيزاته كمنجز حصري لصالح ( بدون شركاه ) ولعل هذا السبب الذي يدفع الرئيس للذهاب إلى هذه المؤسسة كلما اتسع خلافه مع المعارضة ! لسنا في معرض الإساءة لهذه المؤسسة وكنا ومازلنا وسنظل نعتز بها وبأفرادها كحماة للوطن وقيمه وثوابته لكن من حقنا أن نتساءل إن كانت هذه المؤسسة على قدر أمانينا وطموحاتنا ؟ وهل تكفي الإستعراضات للتدليل على قدراتها وإبراز هذه القدرات..

 

أختبر الجيش في عهد صالح ثلاث مرات الأولى مطلع الثمانينات في مواجهة جبهات التخريب وقد عجز تماماً وكان صالح على وشك التسليم لمطالب الجبهة الوطنية لولا تدخل جهات شعبية تمكنت من حسم الصراع وإنهاء التخريب وتثبيت حكم صالح!! المرة الثانية كانت في 94 ولم يكن الجيش لوحده في المعركة بل كان للمتطوعين دور في حسم بعض الجبهات وساهم في حسم أخرى حدوث إختراقات مهمة على الصعيدين العسكري والسياسي أضف إلى ذلك التأييد الشعبي الذي حظي به جيش الشرعية وافتقده جيش ( ألإنفصال ).. أما الثالثة فكانت حرب صعدة وعبر جولات خمس حوصر في آخرها أحد الألوية مع قائده لما يقرب من شهر ويعرف الجميع بقية القصة..

 

بالتأكيد لا أحد منّا يفخر ولا يسره أن يكون جيشه ضعيفاً لكن الواقع شيء وما نأمله شيء آخر ومسؤولية الحاكم لا تنتهي عند الإستعراضات فإذا علمنا أن هذه المؤسسة تحظى بالقدر الأعلى من النفقات وتستأثر بأغلبية الإعتمادات الإضافية ويتظاهر أفرادها بعد خروجهم من حرب مطالبين بحقوقهم ندرك عندها يقيناً أن العبث السلطوي لم تسلم منه حتى هذه المؤسسة.

 

الأمن..

يقرن الحاكم الأمن بالتصويت له في ملصقاته الدعائية ويقرن الصوملة بالتصويت لغيره في خطاباته السياسية والإعلامية وليس هذا موضوعنا إذ أننا هنا نتحدث عن الأمن كمنجز يستحق الإحتفاء وقبل ذلك كحالة إجتماعية دائمة يشعر بها المواطن البسيط أينما كان..

 

قبل أيام دعا رئيس كتلة الحاكم البرلمانية لإنشاء سفارة في بني ضبيان تمهيداً لعلاقات ديبلوماسية ثنائية بين البلدين ( اليمن وبني ضبيان )  وهي ليست المرة الأولى التي يحصل فيها اختطاف لكنها الأولى التي تستفز البركاني لهذه الدرجة وكان خطأ بني ضبيان انهم اختطفوا واحداً من العيار الثقيل!! حوادث الإختطاف في اليمن مسلسل مكسيكي لا نهاية له كالثأر تماماً تتدخل الدولة في الأول لمفاوضة الخاطفين وتتدخل في الثاني لدعم كل من الطرفين على الآخر أو تكتفي بالمشاهدة وكفى الله المؤمنين شر القتال! تخيلوا أن مسلحين يدخلون العاصمة بسياراتهم وأسلحتهم ويخطفون ضحيتهم من قلبها ويعودون إلى دارهم آمنين وتخيلوا أن بعض مدننا لا يمر عليها يوم دون حادثة إطلاق نار على خلفية قضايا ثأر..

 

حوادث المرور تبتلع سنوياً آلاف الضحايا وملايين من الخسائر المادية وتأتي عمليات القاعدة على البقية الباقية من الأمن المزعوم هذا والنظام متحالف معها كيف لو انفصمت عرى هذا التحالف!!

 

الخدمات..

يجب أن نعترف أن هناك تقدماً في مجال الخدمات أو بعضها كالإتصالات مثلاً لكنه وفي مجالات أخرى وإن تقدم فما زال متأخراً عن إحتياجات المجتمع بكثير فضلاً عن مراعاة النمو السكاني وما زالت الكهرباء غائبة عن بعض مناطق اليمن كما أنها تغيب أحياناً عن البعض الباقي شبكات الصرف الصحي حظيت بها بعض المدن الرئيسية ولم تخل من مشاكل ونسبة من يحصل على شربة ماء نظيفة قليل ويضطر معها لتوفية حاجته بشراء (الوايتات) المستشفيات الحكومية معدودة وخدماتها أكثر من رديئة مخرجات التعليم سيئة وخطوط الإسفلت وإن امتدت لكثير من المناطق لكن مواصفاتها رديئة ولا تراعي متطلبات السلامة وعموماً فقد ضرب الفساد أطنابه في كل المجالات..

 

بعد هذا ما الذي تبقي للحاكم ليفخر به وهو الآن وإن كان يراهن على تدني الوعي فهذا لن يستمر طويلاً ومساحة الوعي في اتساع وثقافة رفض الظلم آخذة في النمو وعلى العكس منها تتآكل منجزات صالح يوماً بعد يوم ويختفي بريقها كلما طال بقاءه في الحكم وبقيت ممارسات متنفذيه العبثية كما هي ولعله بحاجة إلى منجز جديد يؤسس فيه لديمقراطية حقيقية ويحفظ به وحدة الوطن ولا شيء غير تخليه عن السلطة - إذ التغيير في عهده وعلى يده صار مستحيلاً - عندها سنتذكر منجزاً هو كل المنجزات يدخل به صالح التاريخ وندخل به عصر التقدم والنماء ويصبح من حقنا أن نفخر بيمن جديد مستقبل أفضل.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

علي وبس ويموووت كل كذااااااااااااب